إلى كل من عانقت روحه رياح الأمل، وامتزجت أنفاسه بنسائم الفجر العليلة، فانتشى من عبق الزهور، وارتوى من ندى أوراق الشجر، وانسابت نفسه مع شدى الأطيار المهاجرة.. إلى كل من تلوح في أفقه أنوارا خاطفة، تحثه على الرحيل.. وتذكره بالوعد القريب، والساعة الآتية.. إلى كل نفس تواقة إلى الهداية، متلهفة للقيا سيد من خلق الإلاه، تشرئب للأعالي، ولا تكل من معانقة السماء ومسامرة الليالي الساكنة الحالكة،
لاصطياد لحظات ثمينة من الأنس بالله ومن النعيم بمناجاته..إلى كل هؤلاء أبعث هذه الرسائل..رسائل النور.









samedi 25 janvier 2014

رسالة مفتوحة إلى كل من له صلة بالشأن التعليمي ببلادنا




وعيا مني بأهمية التعليم وخطورة دوره في بناء الأمم والنهوض بها والارتقاء بحضارتها في شتى مجالات الحياة، ارتأيت أن أدلي بمساهمة متواضعة في هذا الشأن، محملة بمجموعة من الأفكار و الاقتراحات والحلول التي أراها كفيلة بالدفع بعجلة تعليمنا لقطع أشواط مهمة من شأنها نقلنا من حال إلى حال وجعل بلدنا تتبوأ مكانتها العالية ضمن سائر الأمم.
ولست أبالغ إن قلت أنها حلول من القوة و النجاعة ما سيجعل أبنائنا التلاميذ يتحولون من مجرد أوعية وصناديق وشوالات لتحميل المعلومات الكثيرة والغير منضبطة بنسق متزن متناغم إلى عقول كبيرة قوية ذكية مفكرة متطلعة لا إلى تحصيل ما في المقرر فقط ،  وإنما تتعداه إلى ما هو أوسع من ذلك ، إذ العلم لا تحده مقررات وكتب، بل هو فضاء لا نهاية له، وبقدر العزائم تنال المرامي والمطامح والأمنيات..
كلنا يعلم أن العنصر المحوري في عملية التعليم هو المعلم والأستاذ، فبقدر كفاءته وتكوينه على مستوى ما يدرسه ، وإلمامه بمجال تخصصه، إلماما واسعا عميقا ، و بقدر إتقانه لفنون وتقنيات ومهارات التدريس البيداغوجية ومواكبته لكل جديد ،  ومرونته في التعاطي، و بحثه الدائم عن أساليب أفضل،  وروحه الإبداعية التجديدية، إضافة إلى البعد الديني والأخلاقي الذي يربي فيه مقومات المعلم  الرسالي، بدلا من المعلم الموظف، ويقوي فيه الضمير المهني الذي يحثه على الصبر والمصابرة، وتحمل المشاق لأجل أداء رسالته كاملة مبتغيا من وراء أدائها قبل الأجرة الدنيوية،  الأجر الكبير العظيم عند الله عز وجل يوم لقائه حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. بقدر كل هذا يكون التعليم قويا متألقا ناجعا وناجحا.
فحري بمن يضعون المخططات والبرامج التعليمية أن يضعوا في حسبانهم هذه المواصفات التي يجب توفرها في الأستاذ، و يرصدون لأجل تحقيقها فيه، كل ما يملكون من وسائل وإمكانيات.
كل هذا قد يبدو أنه معروف وشائع وليس فيه أي جديد، ومع ذلك فهو من أهم مقومات نجاح أي سياسة تعليمية، ولا سيما في بلداننا العربية الإسلامية.
أما الجديد فيما أكتبه في هذا المقال، فهو اقتراح أرى أنه إن وضع موضع التنفيذ ،  فسيؤتي أكله سريعا،  وثماره ستكون كثيرة ويانعة، وقطافها سيكون عيدا لكل المغاربة إن شاء الله.
إقتراحي هو مشروع وطني ضخم، يساهم فيه الأساتذة والمعلمون والمفتشون والعلماء والخبراء ومهندسوا البرمجيات وغيرهم، ويتلخص في إقامة  ورشة كبرى لصناعة أقراص مدمجة  يتم إرفاقها  إلزاميا بكل كتاب من الكتب المقررة،  بدءا من الأولى ابتدائي وحتى الباكالوريا، وفي جميع المواد، بلا استثناء،  تكون منسجمة مع محتوى الكتاب ومتكاملة مع مضامينه، تضم شروحات بالصورة واللون والشكل والحركة و مقاطع فيديو ورسوما بيانية وصورا ووثائق وتمارين وامتدادات إلخ...
 فتخيلوا معي حين نطبق هذا على مادة التاريخ مثلا، سيجد التلميذ وهو يشاهد محتوى القرص المدمج مقاطع فيديو لأحداث تاريخية مرتبطة بما لديه في الدرس، وصورا لمعالم أثرية ـ قد تكون ثلاثية الأبعاد ـ ولشخصيات تاريخية، من الأكيد  أن المادة ستتحول لديه من مجرد معلومات رتيبة مملة بالكاد يحفظها وبسرعة البرق ينساها، إلى حقائق حية تحرك مشاعره وتهيج ملكات البحث وحب المعرفة لديه.
وتخيلوا معي الآن مادة الرياضيات وهي مشروحة بوسائل حديثة تعتمد على الصورة المتحركة ورشاقة العرض والتحليل والشرح والبرهنة ، بأشكال ثلاثية الأبعاد ورموز ذات دلالة للربط بين مختلف أجزاء الدرس ، وتمارين متدرجة في الصعوبة مع الإشارة إلى تقنيات الحل ، إضافة إلى مقاطع فيديو لكبار أساتذة المادة وهم يشرحون ما استشكل على الفهم، ويتم ربط المادة بمجالات أخرى وفضاءات أوسع، حتما سيرتقي المستوى العام للتلاميذ إلى مراتب متقدمة وستبزغ عقول نابغة كثيرة  تتطلع إلى المزيد والمزيد .
أدرك أن إنجاز هذا المشروع ليس بالأمر الهين، ويحتاج إلى مجهودات جبارة وأموالا طائلة، غير أن مردوده على المدى المتوسط والبعيد سيكون أضعاف أضعاف ما أنفق عليه.
 وحتما ستكون البداية متعثرة نوعا ما ويعتريها الكثير من نقاط الضعف، ولكن هذا لا يهم،  لأن التطوير المستمر سيكون هو سمة هذا المشروع، على غرار ما نراه بالنسبة لشركات البرمجيات الكبرى،  كمايكروسوفت على سبيل المثال، حيث تقوم كل سنتين أو أكثر بتطوير منتجاتها وإدخال التحسينات عليها بعد أن تدرس كل الأخطاء والهفوات و شكاوي مستعملي موادها.
هكذا سيعرف تعليمنا قفزة نوعية، وطبعا هذا لن يقلل من دور المعلم الذي سيبقى دائما هو المحور، وهو المهندس الذي يفتل خيوط العملية برمتها بالربط بين ما هو مكتوب في المقرر وما هو مبرمج في الأقراص، وسينتقل دوره من مجرد ملقن إلى مرشد وموجه ومؤطر يأخذ بيد تلامذته لتعليمهم كيف ينهلون  العلوم من مواردها وكيف يبحرون في لججها بحرفية وإتقان.
كل ما طرحته الآن هو مجرد اقتراحات، ولعله مجرد خطوة متواضعة لفتح باب  النقاش بشكل موسع بين مختلف أطياف القراء والمهتمين بهذا الشأن ، وأسأل الله عز وجل أن يجعلها مبادرة مثمرة  لأجل تحريك هذا الملف الحيوي الخطير الذي لا يمس حاضرنا فقط بل يشكل ملامح مستقبلنا وعلى الله قصد السبيل.
لا يزال في جعبتي الكثير من الأفكار، إنتظروني في مقال قادم بحول الله


الرباط : 25 يناير 2014


mardi 21 janvier 2014

حرب الأفكار

الصراع بين الحق والباطل هو صراع أفكار قبل أن يكون صراع حرب ومدافعة، فحري بعمالقة الفكر في جانب الحق أن يشحدوا أقلامهم  وألسنتهم لمبارزة خصومهم في معسكر الباطل ودحض أباطيلهم وتزويرهم أمام العوام من الناس حتى تميل الكفة لصالح الحق، هذا على الرغم من أن  الحق هو الذي يسود في النهاية لأن له رب ينصره، إلا أن من سنن الله ألا ينتصر الحق إلى بصمود أهل الحق وجلدهم وتحديهم للصعاب إلى أن يأتي الله بأمره