
Créez votre badge
إلى كل من عانقت روحه رياح الأمل، وامتزجت أنفاسه بنسائم الفجر العليلة، فانتشى من عبق الزهور، وارتوى من ندى أوراق الشجر، وانسابت نفسه مع شدى الأطيار المهاجرة.. إلى كل من تلوح في أفقه أنوارا خاطفة، تحثه على الرحيل.. وتذكره بالوعد القريب، والساعة الآتية.. إلى كل نفس تواقة إلى الهداية، متلهفة للقيا سيد من خلق الإلاه، تشرئب للأعالي، ولا تكل من معانقة السماء ومسامرة الليالي الساكنة الحالكة،
لحطات عمر مديدة
طالت بصاحبها.. ثم جاء يوم وانتهت
نبضات قلب ذوات العدد
مل العادون .. لكن أتى عليها عهد واكتفت
ما كان بالأمس زرع زهر وخضرة
هو اليوم هشيم تذروه الرياح
ضاعت لذائد ضيعها الردى
أطفأ بريقها أسكن لهيبها
إلى كان وما كان أحالها
دار غرور على الذقون هي تضحك
ذقون أهل غفلة عن الصراط تنكبوا
كم من ملك انحنت له الرقاب
من قصور شامخات إلى التراب ارتحل
وكم من جميلة أخاذة أخذت
بألباب معجبيها .. فزاغت أبصارهم
رحلوا ورحلت فغاب الحسن وحلت جثت
وكم ذا غنية فحش ثراؤه فالتهى
عن يوم فراق حتى جاء اليوم وعن ماله انسلخ
إن حفظ القرآن الكريم من أعظم القربات
إلى الله عز وجل، ومن الأسباب الموجبة لرفع درجات العبد في مراتب قربه من ربه، ومن
أسباب انعتاقه من النار بل وفي علو منزلته في الجنة.. وإليكم
أحباب الله بعض ما يجلبه حفظ القرآن لصاحبه من مغانم عظيمة في الدنيا والآخرة
التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم: فقد كان عليه الصلاة والسلام يحفظه،
ويراجعه مع جبريل عليه السلام ومع بعض أصحابه
حفظه ميسر للناس كلهم، ولا علاقة له بالذكاء أو العمر، فقد حفظه الكثيرون على كبر سنهم. بل حفظه الأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، فضلاً عن الأطفال
.
حملة القرآن هم أهل الله وخاصته كما في الحديث، وكفى بهذا شرفاً.
حامل القرآن يستحق التكريم، ففي الحديث (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ... الحديث) فأين المشمرون؟
الغبطة الحقيقية تكون في القرآن وحفظه، ففي الحديث (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل) ... الحديث
حفظ القرآن وتعلمه خير من متاع الدنيا، ففي الحديث (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل) وتذكر أن الإبل في ذلك الزمان أنفس المال وأغلاه.
وفي يوم القيامة يشفع القرآن لأهله وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث : (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه). فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب.
حفظ القرآن سبب للنجاة من النار، ففي الحديث (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق) رواه أحمد وغيره. ويقول أبو أمامة: إن الله لا يعذب بالنار قلباً وعى القرآن. إن حفظه رفعة في درجات الجنة، ففي الحديث (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارقى ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها). قال ابن حجر الهيتمي: الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب، لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها.
حافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة، ففي الحديث – واللفظ للبخاري - : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة) فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ) (عبس من الآية 13 :16)
. حافظ القرآن يقرأ في كل أحواله، فبإمكانه أن يقرأ وهو يعمل أو يقود سيارته أو في الظلام، ويقرأ ماشياً ومستلقياً، فهل يستطيع غير الحافظ أن يفعل ذلك؟
حافظ القرآن لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه وخطبه ومواعظه وتدريسه، أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية، أو معرفة موضعها. فهل بعد هذا نزهد في حفظ ما نستطيع من كتاب الله ؟