إلى كل من عانقت روحه رياح الأمل، وامتزجت أنفاسه بنسائم الفجر العليلة، فانتشى من عبق الزهور، وارتوى من ندى أوراق الشجر، وانسابت نفسه مع شدى الأطيار المهاجرة.. إلى كل من تلوح في أفقه أنوارا خاطفة، تحثه على الرحيل.. وتذكره بالوعد القريب، والساعة الآتية.. إلى كل نفس تواقة إلى الهداية، متلهفة للقيا سيد من خلق الإلاه، تشرئب للأعالي، ولا تكل من معانقة السماء ومسامرة الليالي الساكنة الحالكة،
لاصطياد لحظات ثمينة من الأنس بالله ومن النعيم بمناجاته..إلى كل هؤلاء أبعث هذه الرسائل..رسائل النور.









lundi 9 mars 2009

(تتمة الحوار(2

كريــــــــــــــــــــم

بسم الله الرحمان الرحيم

ا. أود أن أجيبك على ما كتبته بخصوص صعود الإنسان إلى القمر..يجب أولا أن نتفق عن
ماهية العلوم التي ينبغي علينا وضعها موضع التقديس والتنزيه والعصمة من الزلل،
كمسلم اقر واعتقد أن القرآن والسنة النبوية الشريفة هي التي ترقى إلى هذا
المستوى، وما دونهما كلام يؤخد ويرد ولا يعتمد كدليل قاطع لا سيما في المسائل
العقدية. وأي تاويل للقرآن او السنة ليس فيه إجماع الأمة لا يرقى ايضا لدرجة
العصمة ايا كان مصدره، حتى ولو كان الباطن نفسه، لأن هذه العلوم الباطنية على
النحو الذي طرحت به في الكتب ليس لها أي تأصيل من الكتاب السنة اللهم إلا ما
يقال ممن قال باتصاله بالعالم الباطني، وهذا غير كاف لكي نرفعه إلى درجة
العصمة، ومن يفعل ذلك فكأنما يقول أن الذي يأخد علومه من الباطن كمن ينزل عليه
وحي من السماء، وهذا كما تعلم مجانب للصواب.

أما فيما يخص الغرب و خسة ودناءة حضارته المادية وشراستها وعدائيتها للإنسانية،
فأنا أتفق معك تماما، هم قوم باعوا أنفسهم للشيطان، ففتح الله عليهم من كل شيء،
لأن الدنيا هي جنتهم، ولهم في الآخرة عذاب أليم. غير ان العلوم والمعارف التي
طوروها لا يمكن أن نحكم عليها أيضا بالشيطانية، لأنها في الأصل طورت من قبل
علماء المسلمين ، ثم نقلت فيما بعد إليهم، ليقوموا بدورهم بالإضافة
إليهاوالتعمق فيها والرقي بها إلى ما وصلت إليه اليوم ، هذه العلوم هي ليست
حكرا على أحد، هي سنن كونية يريها الله تعالى لمن اتبع المنهج الصحيح في البحث
والدراسة والفهم، كنت ولا زلت أقول مع نقسي: سبحان الله ، الله عز وجل يرزق
عباده مهما كثروا على الأرض، فوتيرة النمو الديمغرافي متناسبة مع وتيرة التطور
العلمي، يشاء الله أن يتطور العلم الذي طور أساليب الزراعة والتي لو لم تطور
لما كان بإمكانها سد جوع الست مليار أو ما يزيد، بفضل هذا العلم قلت نسبة
الوفيات إلى حد كبير جدا، بفضل هذا العلم الناس يسافرون عبر القارات في ساعات
معدودة، ومنهم الحجاج طبعا، بفضل العلم أنا وإياك نتحاور ونتراسل بهذه السهولة،
رغم اننا ما كنا نعرف بعضنا أصلا..والقائمة طويلة جدا، أنا لا أنكر الجوانب
المظلمة لهذه العلوم كالدمار النووي وتغيير خلق الله، ولكني أتحدث عن العلم
الصرف الذي لا علاقة له بالنوايا، هذا العلم الذي وضعه الله في متناول من يبحث
عنه من البشر.

إذا كان الإنسان استطاع أن يغوص في المحيطات ويبني فيها قواعد ويكشف أسرار ذلك
العالم رغم أنه ليس وسط عيشه، وإن كان استطاع إطلاق أقماره الإصطناعية على علو
غير يسير، فلما لا يستطيع أن يصعد إلى سطح القمر، وهل إن كان قد فعل يكون الله
قد تخلى عن كونه، وهل بتدمير الإنسان لهيروشيما بالقنبلة النووية نسميه أيضا
عدم حفظ الله لكونه، ليس يوجد في القرآن والسنة أي نص يقول بعدم إمكانية
الإنسان صعود القمر، على العكس فهناك آية تبين إمكانية ذلك: " يا معشر الجن
والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفدون إلا
بسلطان" فالأرض جاءت معطوفة غلى السماوات، إذن ما يمكن أن يتم في الأرض يمكن
أيضا في السماء، والآية تنص على ذلك، وقد قرأت تفسير السلطان بكونه بالنسبة
للإنس هو سلطان العلم. هناك أيضا حقيقة توصل إليها علماء الفلك، بعد أن درسوا
طبقات القمر، وهذا طبعا بعد صعودهم إليه، تفيد أن القمر كان مضيئا مثل الشمس في
بداية الخلق، وقد وجد أحد كبار علماء المسلمين المعاصرين آية في القرآن تِؤكد
هذه الحقيقة العظيمة: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا ءاية الليل وجعلنا
ءاية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب"

ولا أظن يخفى عليك أن عددا من العلماء الغرب أسلموا بعد أن وجدوا أن القرآن
سبقهم قبل 14 قرنا إلى ما وصلوا إليه من علوم وصفتها أنت بالكفر والضلال
والزيغ، وأذكرك بقول الله تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى
يتبين لهم أنه الحق،" هذه هي وجهة نظري في هذا الموضوع والله أعلم. والسلام
عليكم ورحمة الله



Aucun commentaire: